عامر البحر: سيرة مقتضبة لشاعر شعبي صار قائد ميليشيا تتبع النظام

يعد الشاعر الشعبي عامر عبود البحر -43 عام- واحداً من أشهر قادة الميليشيات التابعة للنظام في دير الزور. كانت سيرته خلال السنوات السبع الماضية، غريبة ومتناقضة، إلى الحد الذي بدأت بهجائه بشار الأسد و مدافعاً عن الثورة، وانتهت مداحاً له.

في صيف العام 2012 وبعد أن تحرر ريف دير الزور الشرقي أو معظمه، عاد عامر عبود البحر من محل إقامته في السعودية، حيث يعمل في البناء، إلى بلدته الكشكية. وخلال وقت قصير برز كشاعر شعبي، يظهر في المقاطع المصورة المرفوعة على موقع اليوتيوب إلى جانب عناصر من الجيش الحر، قبيل انطلاقهم إلى جبهات القتال، يلقي شعراً حماسياً يتوعد فيه قوات النظام. مساء كان «للشاعر الذي ترك عمله في السعودية، وانضم إلى الجيش الحر» وفق ما عرفت به مراراً قناتا وصال وشذا الفضائيتان، إطلالات كثيرة على شاشتيهما مداخلاً في برامج تحريض ضد النظام؛ يهجو رأسه بشار الأسد وجيشه «النصيري»، وحلفاءه وولاة أمره «الروافض»، منتصراً ل«أهل السنة»، وداعياً الله بأن «يذل الرافضة والمجرمين».

إلى جانب السمعة التي أحرزها البحر عبر اليوتيوب وقناتي وصال وشذا، كشاعر ثائر في الأولى وشاعر مناوئ «يفضح الشيعة والتمدد الإيراني في المنطقة» في الثانية،  أحرز «عامر العبود»، كما يسميه أهل بلدته، سمعة أخرى نالها بما طاله من تهم أهلية متواترة بسرقة المعدات الثقيلة العامة المشغلة بمشروع ري حكومي على أطراف بلدة أبو حمام المجاورة لبلدته. بعد جرافات الري وحفاراته، التي لم يجد الشاعر سوى الإنكار رداً على مزاعم سرقته لها، وجد في اهتمامه الجديد، كناشط في قطاع النفط، ما يمكن تبريره بغايات نبيلة، فاستيلاؤه أو شراكته آخرين في بعض آبار النفط جاء بغرض تمويل كتائب الجيش الحر، وشراء السلاح والذخيرة لها، حسب ما برر، مثل كثيرين، فعل السرقة العلني للنفط.  ويوماً بعد يوم تراجع ظهور «الشاعر الذي ترك السعودية» على القنوات، وإلى جانب الكتائب المقاتلة، لأنه تفرغ تقريباً لشؤونه النفطية الخاصة.

لاحقاً، ومع صعود داعش آخر العام 2013 و بداية العام التالي، ثم وقوف فصائل من الجيش الحر وفصائل أخرى للجم هذا الصعود، لم تسجل للشاعر أي أدوار تذكر، ولم يشارك في أية معركة دارت ضد داعش، مثلما لم يشارك من قبل، رغم انتسابه الشكلي للحر، بأي معركة في صفوفه ضد قوات النظام. وفي صيف العام 2014 ظل مشغولاً بآبار النفط فقط. وحين انتفضت عشيرته الشعيطات، بعيد سيطرة داعش على بلداتها أبو حمام والكشكية  وغرانيج، لم يذكر للشاعر مشاركة  بهذه الانتفاضة، إلى أن طردت داعش من هذه البلدات، حيث كلف بسجن أسير من داعش يلقب ب«أبو جليبيب»، فزعم أنه أعدمه ثأراً لمن قتلتهم داعش من أبناء العشيرة، لكنه في الحقيقة عقد صفقة مع الأسير، حسب ما يقال، فأطلق سراحه سراً مقابل فدية بلغت (3) مليون ليرة، ليعود بعدها الأسير ضمن عديد الدواعش الذين استعادوا السيطرة على البلدات الثلاث، وينفذ هو بدوره إعدامات بحق أسرى وقعوا بقبضة داعش من أبناء العشيرة، ويفضح الشاعر بالكشف عن الصفقة التي عقدها معه.

اختفى عامر البحر لأسابيع، ثم ظهر فجأة في صفوف الميليشيا العشائرية التي شكلها النظام مستغلاً المذبحة  الفظيعة التي ارتكتبتها داعش بأبناء الشعيطات. خضع البحر لاستجواب من قبل مخابرات النظام، سأل خلاله عن مداخلاته وظهوره السابق في «قنوات الفتنة». كان الاستجواب سريعاً وشكلياً، وأجري فقط لضرورة «تسوية الوضع» قبل فتح صفحة جديدة ومغايرة، سيملأها الشاعر هذه المرة كقائد عسكري مشترك مع قائد آخر لميليشيا صغيرة، أخذت بالتوسع بمرور الوقت، لتكون واحدة من الميليشيات الرئيسية التي دخلت مدينتي تدمر والسخنة، وارتكبت مذابح بحق السكان فيهما، ووجدت ببيوت الناس الهاربين غنائم حرب لم تتردد في كسبها.

قبل عام قال عامر عبود البحر في مدح بشار الأسد:

يا سيدي إن ضاقت علينا المواضيع  

انت العدل كل العدل يوم ننضام

مشرع بوابك للأمجاد تشريع

حنا حماتك نوقف سياج وحزام