شيخ الشهداء معشوق الخزنوي... علمٌ وعمل... جهادٌ واجتهاد

إن الحقوق لا يتصدّق بها أحد، إنما الحقوق تؤخذ بالقوة.. دماء الشهداء يجب أن تكون قطراتهم سُقيا لشتلات حقوقكم، لن نسمح بعد اليوم أن تنسَوا شهداءكم

من الكلمة الناريّة التي ألقاها الشيخ الدكتور محمد معشوق الخزنوي، في الذكرى السنوية الأولى لتأبين الشهيد فرهاد صبري، أحد شهداء انتفاضة الكورد في آذار 2004. 

من هو؟

ولد في قرية تل معروف التابعة لمدينة القامشلي عام 1958. وهو سليل عائلة كردية تعرف بالخزنوية، نسبة إلى جدّه الشيخ أحمد (ت 1950)، تعتبر أبرز المرجعيات الدينية في تلك المنطقة.
درس مبادئ العلوم الشرعية على مجموعة من أهل العلم، وفي مقدمتهم والده الشيخ عز الدين، وفي المعهد الشرعي الذي أسسه جده في تل معروف، إلى جانب دراسته النظامية في المدارس الرسمية. حصل على الليسانس من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ونال درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي بلبنان عن أطروحته "الأمن المعيشي في الإسلام"، ثم شهادة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بباكستان (فرع الأزهر الشريف) . وله كتاب "ومضات في ظلال التوحيد".
عمل في مجال الدعوة مدرساً وخطيباً في المساجد والمعاهد الشرعية. وأسّس مركز إحياء السنّة للدراسات الإسلامية في القامشلي. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل البلاد وخارجها. وكان عضواً في عدد من اللجان والجمعيات، كلجنة حقوق الإنسان الكوردية (ماف)، واتحاد المثقفين الكورد.

لماذا قتلوه؟

مشى شيخ الشهداء على خطا مشايخ الكورد البارزين، كالقاضي محمد والشيخ سعيد، فكان يعمل على تحرير العقول والنفوس وفقاً للشريعة الإسلامية، كما كان يعمل على تجديد الدين وإزالة الكثير من الشبهات التي تثار حول الحقوق في الإسلام، وبشكل خاص فيما يتعلق بحقوق الكورد. بالإضافة إلى إيصال القضية الكوردية إلى الدول الغربية، باستضافة السفراء الأوروبيين والكثير من بعثاتهم ليطلّعوا على الواقع الكوردي في الجزيرة السورية عن كثب.
ودعا الشيخ إلى الاعتراف بالهوية القومية الكوردية كثاني قومية في سوريا دستورياً، وتعزيز المشاركة الإدارية للمجتمع الكوردي في سائر ميادين الحياة، والاعتراف باللغة والثقافة الكوردية وتطويرها وتعزيزها، وتقديم كل المجرمين بحق الكورد إلى العدالة. وكان يقول:
«العرب والكورد يشكلان معاً وحدة أخوية متكاملة ضمن النسيج السوري، ويتحملان معاً واجب الدفاع عن وحدة تراب السوري وحضارته وإنجازاته عبر التاريخ، ولهما الحقوق نفسها في المواطنة التي ينبغي أن تتغلب على أية صيغة أخرى». التفّ الشارع الكوردي حول الشيخ الذي حاز ثقةً وشعبية كبيرتين، لأنه كان يسعى لتوحيد الصف محتفظاً بمسافة من جميع الأطراف السياسية الكوردية.
بالإضافة إلى أنه كان يحظى بمكانة متميزة في الوسط السوري السياسي والثقافي والديني، لأنه من الشخصيات الإسلامية الكوردية المتنورة، والمهتمة بالشأن السوري العام.

الشهادة

تعرض الشيخ للكثير من المضايقات، فمنع من الخطابة حيناً، ومنع من السفر خارج البلاد أحياناً أخرى. حتى ضاقت أجهزة الأمن عن احتماله فاختطفته يوم 10/5/2005، بحسب ما صرحت اللجنة السورية لحقوق الإنسان. وفي 1/6/2005 عثر على جثته في إحدى مقابر دير الزور وعليها آثار التعذيب. شيّع حوالي نصف مليون كوردي الشيخ إلى مثواه الأخير.

على الدرب

رُفعت صور الشيخ الشهيد في عديدٍ من المظاهرات التي خرجت في المناطق الكوردية. كما كان ولده الشيخ الدكتور مرشد، الناطق الرسمي باسم مؤسسة شيخ الشهداء للحوار والتسامح والتجديد الديني، من أوائل الذين أيّدوا الثورة وأعلنوا ساعة الصفر لقيامها. وفي آذار 2012 أعلنت مجموعة من الشبان الكورد في مدينة عفرين الامتناع عن أداء الخدمة الإلزامية في جيش النظام، وتشكيل كتيبة الشهيد الشيخ معشوق الخزنوي.
في ذكرى رحيله الثامنة، يتذكّر الكورد الشيخ الخزنوي ويخاطبونه بمثل ما خاطب به الشهيد فرهاد: كلنا شركاء في دمك... كلنا أسلمناك... كلنا خذلناك... يوم لم نسائل جلادك.