سنة على مجزرة خان شيخون وإرهاب السيادة الوطنية الكيماوي

مازالت الحياة تسير في خان شيخون الوادعة، مازالت الأرض خصبة، ومازالت زيتونات عتيقة تربط التراب بالسماء. لكن أطفالاً كان يُفترض أن يكبروا لم يفعلوا ذلك، لأنّ رئاتهم غرقت برغوة السارين قبل عام من الآن.

صبيحة الرابع من نيسان 2017، قرّر سفّاح سوريا أن يُلقّن بموتهم الشامل بقية السوريين درساً جديداً في ثمن الرغبة بالحرية، فقتَلهم مستنداً إلى قناعة متنامية بحصانته كمجرم حرب مدعوم بفيتو تلقائي في مجلس الأمن، وسلاح جو دولة كبرى ذي شهية مفتوحة للقتل الاستعراضي، وتجاهل دولي للكارثة الناجمة عن كل ما سبق.

أرسل طائرة قاذفة من طراز «سوخوي 22»، يحمل طيّارها رمزاً يختصر نفاق الممانعة ووظيفتها الفعلية «قدس 1»، ألقى قنابل السارين في وسط المدينة، وعاد ليحتفل مع زملائه بإنجاز «مهمة جهادية» روّعت العالم.

ليست المرة الأولى لاستخدام إرهاب الأسلحة الكيماوية في سوريا، ولم تكن الأخيرة، بالرغم من ضربة أميركية، غير مسبوقة، لمطار الشعيرات الذي انطلق منه. فالدمار الشامل هو جوهر فلسفة بقاء نظام بشار الأسد وأبيه من قبله، وهو تتمة تُمثل ذروة لإدمان رسمي ومزمن على استثمار الإرهاب كأداة حكم وسياسة.

لا يستخدم الأسد السلاح الكيماوي لأنه مُجدٍ عسكرياً، بل أيضا لأنّه يحمل رسالة الفناء إلى السوريين المعارضين الذين تحولت إبادتهم إلى «واجب جهادي»، والموالين الذين ينخر الذل حياتهم، ويُراد لهم أن يُمجّدوه كأعطية حياة من قائدهم السفّاح.

«قدس 1» سلك طريقاً معاكساً لجغرافيا فلسطين التي تحولت إلى سلعة ابتزاز قومية للسوريين، ليضرب مدنيين نياماً اختير توقيت قتلهم بعناية كي لا يتمكنوا من الهرب. وكي يصحو الشبيحة على صور«عملية نوعية» تاه تفسيرها في تخبّطات الإعلام السوري والروسي، لكنّ أحداً لم يشعر بأيّ حاجة حتى لإبداء تعاطف كاذب مع من قال الأسد: إنّ أهلهم «الإرهابيين» قتلوهم لاتّهامه بهم.

إرهاب الأسد الكيماوي هو أداة توطيد الطاعة عند من لا يجرؤون على التمييز بين طفل ومقاتل. وهو تحضير مجتمعٍ لتقبّل الإبادة كحدث عابر، وتفسير اختناق طفل حتى الموت بأنه سيادة وطنية.