حمل السكاكين.. ظاهرة جديدة تنتشر بين أطفال مدينة اللاذقية ومراهقيها

تعتبر ظاهرة حمل السكاكين التي تنتشر بكثافة في مدينة اللاذقية الخاضعة لسيطرة قوات النظام من أخطر الظواهر التي باتت تهدد حياة الأطفال والمراهقين في المدينة، فهي الأداة التي تمنحهم الإحساس بالقوة خاصة أوقات الخصومة والمشاجرة.

تختلف الأعمار التي ينتشر بينها هذا الأمر لكن أغلبها تتراوح بين 10 و14 سنة، فالأعمار الأكبر تلجأ إلى حمل الأسلحة من خلال التطوع للقتال إلى جانب قوات النظام في إحدى الميليشيات المنتشرة في الساحل كالدفاع الوطني وغيرها، بينما يلجأ الأطفال في الأعمار الصغيرة إلى تقليدهم بحمل السلاح من خلال السكاكين، فمن الطبيعي أن يلاحظ المارة أي طفل يلعب بالسكين أو يضعها على خصره، ويتم اختيارها من خلال شكل محدد ولها أنواع تستخدم لهذه الأمور وتكون قابلة للفتح والتسكير توضع في الجيب أو تعلق على البنطال في منطقة الخصر، يترافق حملها مع عدة أمور كالتدخين أو ارتداء ملابس محددة، أو حتى القيام بوضع وشوم في مناطق مختلفة من الجسم، أو اعتماد تسريحات شعر تدل على شكل هذا الطفل أو أسلوبه ونمطه في الحياة.

عوامل كثيرة تلعب دوراً في انتشار هذه الظاهرة بكثافة، أبرزها الحرب وانعكاس نتائجها على الفئات الأضعف وهم الأطفال، فضلاً عن غياب الأهل في معظم الأحيان أو الآباء تحديداً الذين يعتبرون عامل ضبط أسري/ أخلاقي مهم في المجتمع السوري.

تؤكد سامية عثمان إحدى الشابات في مدينة اللاذقية لعين المدينة، أن هذا الأمر بات طبيعياً ومقبولاً في المجتمع نتيجة الظروف التي يعيشون فيها، فأخوها الذي يبلغ من العمر 12 عاماً لا يخرج من منزله دون السكين، فهي تشكل عامل حماية بالنسبة إليه بحسب رأيها، "فحالات القتل والخطف والسرقة في تزايد داخل المدينة وغياب الأمن يفرض على الناس حماية أنفسهم"، وعائلة سامية تعيش دون الوالد الذي ترك اللاذقية هرباً من الاعتقال، ويجب على أخيهم أن يظهر بمظهر قوي قادر على حمايتهم، كما تشرح.

في حين أن المدرس ياسر (من سكان حي مشروع الصليبة) يختلف تماماً في الرأي معها، ويرى أن الموضوع يدل على تردي الوضع الأخلاقي وسوء الحالة الاجتماعية التي أوصلت الأطفال إلى هذه المرحلة، معتبراً أن هناك تقصير من كافة الجهات، حتى بات الأطفال يشكلون عامل خوف لدى المعلمين، كما يقول، فهم يخشون من قيامهم بارتكاب جرائم قتل أو إيذاء بعضهم البعض، أو حتى الهجوم على مدرسيهم عند حدوث أي موقف يزعجهم.

وتابع أن أغلب الأحياء التي تنتشر فيها هذه الظاهرة هي الأحياء الشعبية والعشوائية، كالرمل الفلسطيني وقنينص والسكنتوري والرمل الشمالي، مشيراً إلى أن هذه الحالات تتواجد في المدارس بشكل كبير وتصل إلى درجة كبيرة من الخطورة، فبعض الطلاب يقومون "بتشطيب أيديهم" (جرح سطحي ذاتي للأذرع باستعمال شفرة حلاقة غالباً بقصد الظهور بمظهر عدائي وترهيب الآخرين)، "وسجلت العديد من الإصابات جراء المشاجرات، ومما يزيد في خطورة الموضوع أنها تكون بين الأطفال بأعمار صغيرة".
غياب المسؤولية

تغيب مسؤولية الشرطة التي لا تبدي اهتماماً يذكر بهذه الظاهرة، طالما ظلت مشغولة بمؤازرة دوريات المخابرات في اعتقال الشبان المطلوبين، وطالما ظلت الظاهرة لا تشكل أي تهديد للسيطرة الأمنية الكاملة للنظام على تلك الأحياء وغيرها؛ وكذلك يغيب دور الأهل والأسرة بسبب غياب الآباء أو الأشقاء الأكبر سناً، بسبب الاعتقال أو مغادرة البلاد أو حتى الانشغال الدائم بالعمل لتأمين سبل المعيشة في ظل ظروف اقتصادية متردية.

يقول الإعلامي شادي العوينة لعين المدينة، إنه في ظل انتشار السلاح ورؤيته من قبل الأطفال في الشوارع بشكل اعتيادي، وخاصة بعد تسليح نظام الأسد لميليشياته والسماح لهم بالتنقل بين الأحياء بأسلحتهم الفردية، جعل من حمل السلاح سهلاً بالنسبة إليهم، خاصة أن "السكاكين التي يقتنيها الأطفال متوفرة بكثرة عند الباعة الجوالين في الشوارع، ما جعل الأمر مدخلاً إلى (عالم الإجرام) الذي يشاهدونه أمامهم مجسّداً، وهناك قصص كثيرة حصلت في مدينة اللاذقية تدلل على ذلك، نظراً لأنها حاضنة لشبيحة النظام بشكل كبير".

وبحسب نشطاء من المدينة، فأن نسبة الأطفال الذين يتوجهون لحمل السكاكين فيها تزيد عن سبعين بالمئة، وينتشرون متسكعين على الأرصفة وأمام أبواب المدارس يحملونها بشكل علني دون خوف أو حذر من أعين الناس أو حتى دوريات الأمن.