حزب البعث في السويداء «يعفش» الحياة العامة

من صفحة كتائب البعث في السويداء

تركز النشاط العسكري لحزب البعث في السويداء خلال السنوات الأخيرة على ما يرتبط بـكتائب البعث، خصوصاً بعد فشل الدعوات التي طلبت من الشبان الانضمام إلى صفوف الفيلق الخامس-اقتحام، لكن الحزب مد أذرع أخرى في كافة المجالات، بداية من استغلال مقتل أمين فرع الحزب وصولاً إلى المساعدات الإنسانية.

فاستطاع رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء وفيق ناصر استثمار مقتل أمين فرع الحزب شبلي جنود في أيلول 2015، لينتزع من شيوخ العقل تصريحاً يمنحه صلاحيات واسعة تسمح له بإنهاء ظاهرة (رجال الكرامة)  بعد اتهامهم بالمسؤولية عن خطف (جنود) وقتله، ولتبدأ بعدها حملة تهدف إلى الحد من سلطتهم، فكان التصريح بمثابة تبادل الاعتراف بين سلطة الشيوخ وسلطة البعث.

في حين بدأ البعث مع بداية الثورة بممارسة دوره عبر تجنيد أعضائه وغيرهم، ضمن ميليشيات محلية مهمتها المعلنة حماية مناطقها من هجمات من يصفهم بـ(الإرهابيين)، لتتوسع نشاطاته طوال السنوات اللاحقة، فشكّل ما عرف بـ(كتائب البعث) عبر مركزها في السويداء الذي يرأسه سلمان الشعراني، إضافة لعدة فصائل أخرى تتبع للحزب مباشرة أو لقياديين في صفوفه.

لعبت كتائب البعث دوراً أساسياً في محاولة تأجيج الخلافات بين محافظتي درعا والسويداء، عبر اعتقال مدنيين لديهم أقارب منتمون لفصائل من الجيش الحر في درعا، ما دفع تلك الفصائل لخطف مضاد من قرى ريف السويداء الغربي، تقابلها عمليات معاكسة بحق نازحين من درعا إلى السويداء، وسط محاولات أهلية في المحافظتين لإيقاف هذه العمليات ووضع حد لها. كذلك كان لهذه الكتائب دورها في إدارة عمليات التهريب التي تمر عبر محافظة السويداء من الشرق إلى الغرب أو بالعكس، بالتعاون مع الميليشيات الأخرى التابعة للنظام، سواء كانت تتبع للأفرع الأمنية بشكل مباشر، أو إلى مجموعات تتبع لأشخاص يتمتعون بصلات قوية مع هذه الأفرع، وعبر حواجز ميليشيا جمعية البستان التابعة لرامي مخلوف والتي يقودها في السويداء أنور الكريدي، إضافة إلى ميليشيا (جيش الدفاع الوطني) بقيادة صالح جربوع بعد إقالة قائدها السابق رشيد سلوم، والمجموعات التابعة للشيخ نزيه جربوع والشيخ كميل نصر المقرب من إيران.

وفي أيلول عام 2016 استقبل فرع حزب البعث في السويداء قرابة ألف شاب من أبناء المحافظة لتسوية أوضاعهم ضمن عفو عام عن مرتكبي الجرائم الجنائية، بما في ذلك قضايا الخطف والقتل والسرقة والتهريب، حيث حظي الاجتماع بتغطية إعلامية واسعة من إعلام النظام، تزامناً مع عرض عسكري لـكتائب البعث احتفالاً ب(التسوية) التي تضمنت إسقاط الحق الشخصي عن مرتكبي الجرائم، بالإضافة إلى الحق العام، محاولاً ضمهم إلى صفوف كتائبه برواتب مغرية وصلاحيات واسعة.

أعلن البعث و(كتائبه) في السويداء منذ شباط عام 2017 البدء بقبول طلبات الانتساب إلى (لواء البعث)، الذي سيكون أحد التشكيلات ضمن الفيلق الخامس، موجهاً دعواته بشكل خاص إلى طلاب الجامعات والموظفين والممتنعين عن الالتحاق بصفوف قواته. ويتضمن الانضمام إلى صفوف لواء البعث مزايا للمنتسبين الجدد تتمثل بتوقيع عقد لعام واحد قابل للتجديد، يتقاضى خلاله المتطوع راتباً شهرياً يبلغ 200 دولار أمريكي مع استمرار راتبه في الوظيفة، عدا عن وعود بتأمين العلاج والضمان الصحي للمتطوعين طوال فترة الخدمة، مع استمرارها في حال تعرضه للإصابة.

وبالإضافة إلى دوره العسكري، ظل حزب البعث يحاول أن يقصي جميع المنظمات أو الجمعيات التي يمكن أن تنظم (أنشطة) خارج إطار سلطته، حتى وإن كانت مجرد ندوات شعرية أو قصصية أو معارض فنية، وتعمل تحت أنظار أمن النظام. حيث تجلى ذلك بشكل واضح في محاولة منع منظمة (جذور سوريا) من إقامة أي نشاط ثقافي في السويداء، إضافة إلى إغلاق مقرها بالشمع الأحمر مرات عدة، بحجة عدم الحصول على ترخيص، رغم تقدم المنظمة بطلب ترخيص أكثر من مرة.

ولم يغفل حزب البعث عن الاستمرار في محاولة طباعة نسخ بعثية جديدة، فأعلن (المجلس السنوي لفرع طلائع البعث) بالسويداء، خلال اجتماع عقد في المركز الثقافي بالمدينة نهاية 2017، أنه يوصي بإحداث  قناة فضائية خاصة بالأطفال تشرف عليها المنظمة، إضافة إلى إعادة العمل بالمعسكرات الصيفية للأطفال، وتنفيذ نشاطات ضمن المدارس، وتعيين شخص بصفة (منشِّط طليعي) في كل مدرسة.

كذلك حاول الحزب أن يستميل النازحين والفقراء من أبناء المحافظة عبر توزيع المساعدات أو منح القروض لمحتاجيها، فأنشأ عدداً مما سماها (صناديق تنمية) في مختلف مناطق السويداء، يشرف عليها أعضاء من الفرق الحزبية، مهمتها تنظيم منح قروض معفاة من الفوائد تصل قيمتها إلى 300 ألف ليرة سورية، تتألف من أموال تبرعات قدمها مغتربون أو منظمات دولية. كما يحرص على وجود أعضائه عند توزيع مساعدات من قبل القوات الروسية على الأهالي والنازحين، مستغلاً كل ما يمكن استغلاله ليزيد من وجوده العلني.