حذار من عودة القادة أصحاب البطش

هيئة تحرير الغارديان | ترجمة مأمون حلبي

في سوريا ومصر والعراق وليبيا وفي أماكن أخرى، أصبحت القوة السياسية تعني بشكلٍ متزايدٍ الطغيان، والضعف الغربيّ يسمح لهذا الأمر أن يحدث.

كان ثمة شيءٌ مقزّزٌ وصادمٌ في صورةٍ التُقطت الأسبوع الماضي للأسد وهو يدلي بصوته في مركزٍ انتخابيٍّ في دمشق، وزوجته أسماء، ذات تصفيفة الشعر الجميلة، ومناصروه (المنحبكجية) يتفرّجون عليه. الأمر مقزّزٌ لأنه حتى عندما لوّح القائد السوريّ بورقة الاقتراع كانت قوّاته العسكرية تلقي برميلاً على مواطني حلب، وصادمٌ لأن صورةً مرتبةً من هذا النوع هي نموذجٌ راسخٌ للديمقراطية في أنحاء شتى من العالم. إنها نوعٌ من الصور يحب السياسيون المنتخبون في كل مكانٍ أن يتخذوا وضعيةً استعراضيةً كي تُلتقط لهم. صورٌ من هذا النوع ترسل رسالةً مطمْئِنةً عن استتباب الأمن والنظام، وعن طبيعية الأمور، وعن التواضع الذي يليق بشخصٍ واحدٍ وصوتٍ واحد. كما ترون: الرجل العظيم هو ببساطة مثلك ومثلي. ناهيك عن أن الأسد ليس شخصاً عادياًً، فهو دكتاتور، و"انتخاباته الرئاسية" التي أقيمت فقط في المناطق المدينية الواقعة تحت سيطرة الحكومة، وقاطعتها كل مجموعات المعارضة ذات المصداقية، كانت محاكاةً شكليةً وتزييفاً.
إنه يحكم لأن والده الراحل والطغمة العلوية في سوريا سلموه المنصب عام 2000.
ولم يُحسن الاستفادة منذ البداية من فرصٍ طيبةٍ لتحقيق الإصلاح. ومنذ أن بدأت المظاهرات السلمية ضد نظامه برهن على أنه غبيٌّ وجبانٌ وعديم الشفقة. فقد فاقم الانقسامات وصَعَّد الحرب باللجوء إلى عنفٍ طائشٍ أكثر بطشاً. إنه ليس رئيساً. إنه قاتلٌ ومجرم حربٍ تزينت قائمته الانتخابية بأسماء 160000 قتيل سوري.
تاريخياً، الأسد شيءٌ ما آخر. فهو صاحب بطشٍ، ومتماثلٌ مع التقاليد المرعبة لمنطقةٍ تبدو ميالةً لأن يهيمن عليها أشخاصٌ يمتازون بالفظاظة وشرسون يفتقرون إلى الوازع الأخلاقيّ ولديهم نزوعٌ دكتاتوريّ. صدام حسين كان من هذا النوع، ومعمّر القذافي كان كذلك أيضاً. وفي مصر، مبارك خَلَف أنور السادات، الذي كان وارثاً لجمال عبد الناصر. بعد الإطاحة بمبارك تجد مصر نفسها عرضةً لسياسة رجل البطش مع صعود جنرال آخر، السيسي، الذي تمت الشرعنة المفترضة لرئاسته في انتخابات الشهر الماضي. ثمة أمرٌ واضحٌ الآن: السيسي ليس ديمقراطياً، ومعظم المصريين يعرفون ذلك. أول رئيسٍ منتخبٍ في مصر، محمد مرسي، يقبع في السجن، بعد أن أطاح به السيسي، مع 15000 من مناصريه، وبعد مقتل 1400 شخص. شبح السيسي المتوعّد يحوم فوق مؤسّسات مصر، بما فيها المؤسّستان القضائية والإعلامية، وعبادة الفرد عمليةٌ تجري صناعتها على المستوى الرسميّ. وفي مقاربةٍ يتردّد صداها حتى وصل إلى تايلند، التي يبدو أن قادة الانقلاب العسكري فيها قد استنسخوا تجربة السيسي، يشدّد رجل مصر القوي على الاستقرار على حساب حقوق الإنسان والحريات المدنية.
بعد الفشل في تشكيل حكومة وحدةٍ وطنيةٍ رغم عدّة محاولات، يشهد الليبيون، وإلى حدٍّ ما يرحّبون، بصعود الجنرال خليفة حفتر في الشرق. وفي العراق يستمرّ المالكيّ بالهيمنة السياسية، وهو يبحث عن ولايةٍ ثالثةٍ رغم الصعوبات التي عاناها في الانتخابات الشهر الماضي، ورغم فشله في كبح العنف الطائفي. من الجزائر، التي انتخبت رئيس الأمر الواقع، إلى اليمن، التي تعيش عمليتها الانتقالية في غرفة الإنعاش، تذبل الطموحات الديمقراطية لأن أقوياء جدد يستعرضون عضلاتهم، أو أقوياء قدامى يرفضون التخلي عن مناصبهم.
أحد العوامل التي تفسّر رسوخ ظاهرة الرجل القويّ هو التدخل الأجنبي. فالأسد يحافظ على بقائه لا لأنه مرغوبٌ في سورية، بل لأن المتنافسين الخارجيين يسمحون بذلك. وبسرعةٍ كسب سيسي مصر مساندة أمريكا وتابعيها، لأنهم يرون فيه شخصية مواليةً للغرب ومن نموذج مبارك. شخصيةً يمكن أن يعملوا معها " بيزنس"، والأهم من ذلك أنه ليس مرسي. وفي ليبيا يحظى حفتر بالقبول الحذر من وزارة الخارجية الأميركية.
فشل الديمقراطيات الغربية في مساندة الديمقراطية يساعد أيضاً على اندفاعة أصحاب البطش. من المريح أكثر، بالنسبة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوربيّ، التعامل مع شخصياتٍ استبداديةٍ مألوفةٍ على التعامل مع قوةٍ ناعمةٍ مؤثرةٍ تطوّر خياراتٍ تعددية.