جمعية (قلوب مبصرة) لرعاية المكفوفين في الشمال السوري

بعدسة الكاتبة

أدى قصف النظام السوري خلال سنوات الحرب إلى إصابة آلاف السوريين، وبات الكثيرون في عداد المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم من فقد البصر، لذلك تم افتتاح جمعية قلوب مبصرة

بجهود تطوعية في بلدة عينجارة بريف حلب الغربي، و بترخيص من مجلس محافظة حلب الحرة للعناية بالمكفوفين وتسهيل اندماجهم في المجتمع، والنهوض بهم نفسياً وتعليمياً وثقافياً وطبياً، في ظل سعيها أيضاً إلى دمج المكفوفين في جميع المجالات التنموية والاقتصادية والرياضية والحرفية التي يستطيعون من خلالها خدمة أنفسهم ومجتمعهم، والتحول من مستهلكين إلى منتجين فعالين في المجتمع.

أحمد خليل المدير التنفيذي للجمعية يتحدث لعين المدينة عن أهدافها بقوله: "نظراً للظروف النفسية والحالات المعيشية المتردية التي يعاني منها المكفوفون، ونتيجة احتياجاتهم المادية والمعنوية والصحية، وفي ظل عدم تقبل المجتمع لهذه الفئة وقلة العناية بهم، قررنا إنشاء الجمعية للم شمل المكفوفين ومتابعة احتياجاتهم طبياً وإغاثياً، ومنحهم حقائب تدريبية إلكترونية عن طريق الهواتف الذكية، لتساعدهم في مسيرة حياتهم اليومية وتسهل اندماجهم في المجتمع."

ويشير خليل إلى أن المركز استقبل 230 كفيفاً، يسعى القائمون عليه إلى إخراجهم من حالة العزلة والانطوائية، وتسهيل وصولهم إلى مصادر المعرفة التقليدية والرقمية والتكنولوجيا الحديثة، حيث يتم تدريبهم على استخدام الهاتف على برامج التواصل الاجتماعي وتنمية مهاراتهم، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي لهم والتدريب على الحاسوب، فضلاً عن أنشطة أخرى مثل مباريات الشطرنج وكرة الجرس (وهي عبارة عن كرة اليد أو القدم وقد وضع بداخلها جرس).   

وعن الصعوبات التي تواجه عمل الجمعية يضيف: "تواجه الجمعية صعوبات عدة خلال عملها، منها عدم توفر الدعم الكافي، ووسائل النقل اللازمة لنقل المكفوفين من البلدات المجاورة إلى مقر الجمعية، إضافة إلى النقص في الأجهزة الإلكترونية."

الشاب أحمد طلحة (25 عاماً) أحد المكفوفين الذين ساهموا في تأسيس الجمعية، وقد شكلت الإصابة في حياته حافزاً لتطوير قدراته ومساعدة من يعانون من الحالة ذاتها، وعن تحدي الإعاقة يتحدث طلحة بقوله: "في مطلع 2012 فقدت كلتا عيني نتيجة إصابة حربية، ورغم ذلك لم أستسلم لليأس، بل تحليت بالصبر وواجهت متاعب الحياة بهمة عالية، حيث عدت مجدداً لدراسة اختصاصي في هندسة المعلومات في جامعة حلب الحرة، وتم قبولي استثنائياً من إدارة الجامعة مراعاة لحالتي الصحية ووضعي الخاص."

يؤكد طلحة بأنه أصبح بعد فترة وجيزة من الطلاب المتميزين، كما أتقن عدة برامج إلكترونية تخدم المكفوفين، وقد قام بترجمة برنامج ناطق مخصص لأجهزة الأندرويد إلى اللغة العربية وتحميله على هواتف المكفوفين الذين يرتادون الجمعية، بحيث يمكنهم البرنامج من استخدام الإنترنت ومواقع التواصل من خلال تحويل كل ما يظهر على الشاشة إلى صوت."

محمد (15 عاماً) فقد بصره لكنه لم يفقد الأمل بالحياة، والإصرار على تحقيق حلمه بإكمال تعليمه، لذلك انضم إلى جمعية قلوب مبصرة، وعن ذلك يقول: "صحيح بأنني فقدت بصري لكنني لم أفقد عزيمتي، وقد وجدت في الجمعية من يشعر بمعاناتي، ويسعى إلى مساعدتي على تحقيق ذاتي عن طريق الدمج الاجتماعي والدعم النفسي." ويبين محمد بأنه يتدرب في الجمعية على كيفية استخدام الهواتف الذكية واكتسب خبرة جيدة، إضافة إلى تعلمه كيفية تحسس أيقونات الهاتف واستخدامها بشكل صحيح.

ومن المنضمين إلى الجمعية عبد القادر الحسن (31 عاماً) من بلدة عينجارة بريف حلب الغربي، وعن الفائدة التي حصل عليها يقول: "رغم الظروف الصعبة نحاول أن نشق طريقنا لنجد لأنفسنا مكاناً في المجتمع، ونكمل حياتنا كغيرنا من المبصرين، حيث كنت فيما مضى أعيش حياة يأس وعزلة بسبب إصابتي وأمتنع عن الخروج من المنزل، وبعد انضمامي للجمعية تغيرت حياتي نسبياً، وأصبحت أمارس النشاطات الرياضية وأستخدم الهاتف المحمول بشكل جيد، كما أتلقى مع زملائي دورات لمحو الأمية بلغة البرايل وكيفية النقش على اللوح."

جمعية قلوب مبصرة هي بيت المكفوفين في الشمال السوري لمساعدتهم في الخروج من عزلتهم وتغيير نظرة المجتمع لهم، إيماناً من القائمين على الجمعية والمنضمين لها بأنه لا يأس مع الحياة، لكن من غير الممكن التنبؤ بمدى إمكانية استمرارها في العمل مع عدم توفر الدعم الكافي، وفي منطقة لا يبدو مستقبلها الأمني أو العسكري يساعد في استمرار مثل هذه النشاطات.