جامعة الفرات في الحسكة جبهة صراع أخرى بين الإدارة الذاتية والنظام

راديو Arta

«لم أعد أستطيع التركيز على دراستي». هذا ما بدأ به أحمد عبدو من مدينة عين العرب (كوباني)، الذي يكمل دراسته في جامعة الفرات في مدينة الحسكة، بعد أن قطع في وقت سابق تنظيم داعش الطريق أمامه لمتابعة دراسته في جامعة حلب، حيث كان من طلاب كلية الآداب فيها، كلامه. ويرى أحمد أن جامعة الفرات «باتت ضحية الصراع العسكري بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذي أعلن حكماً ذاتياً مع أحزاب أخرى، والنظام السوري الذي ما يزال يسيطر على أجزاء من المدينة، ومنها الجامعة، التي كانت أمل الكثيرين في إنهاء دراستهم الجامعية».

 وفي الشهر الأخير كانت فروع جامعة الفرات في الحسكة، التي تضم كليات عدة، محل أزمة جديدة بين نظام الأسد الذي لم يبق له هناك غير جيبي سيطرة صغيرين في كل من مدينة الحسكة ومدينة القامشلي وما حولهما، والإدارة الذاتية التي تسيطر على كامل الريف ومعظم الأحياء في المدينتين.

بدأت الجامعة في الدخول لمرمى التدخلات العسكرية، ثم تحولت إلى موضوع للمنازعات السياسية بين الأطراف المتصارعة، كما هي اليوم، منذ تعرضها لغزو داعش ونسف معظم أبنيتها ونهب مقتنياتها، وما لبثت أن أصبحت نقطة خلاف، فحاولت الإدارة أن يكون لها موطئ قدم في الجامعة من خلال مكتب اتحاد الطلبة التابع لها، وأدى هذا الخلاف إلى إغلاق الجامعة أكثر من مرة، كما في نهاية العام ٢٠١٦. بعد مفاوضات عسيرة تم التوصل إلى تفاهم مقتضاه تحييد الجامعة عن النزاعات السياسية والعسكرية، بحسب الأكاديمي الدكتور فريد سعدون، الذي تحدث لعين المدينة عن ذلك الوضع الذي عاد إلى التأزم بعد افتتاح الإدارة الذاتية مكاتب للكومينات في الجامعة، الأمر الذي دفع رئيس الجامعة إلى اتخاذ قرار بإغلاق الجامعة. وبناء على توجيهات وزير التعليم العالي -التابع للنظام- فإنه تم «تحديد مهلة زمنية لإغلاق تلك المكاتب» لتعود المفاوضات مرة أخرى، إلى أن تم التوصل إلى تفاهم بالعودة إلى الاتفاق السابق.

فرهاد شيخ -وهو طالب في كلية الاقتصاد بجامعة الفرات- قال لعين المدينة «بعد عشرة أيام أعلنت إدارة الجامعة استكمال العملية التدريسية وفق اتفاق تحييدها عن الخلافات»، على أن هذا الاتفاق مماثل لاتفاق سابق لم يمض عليه سوى بضعة أشهر، حين أوقف التعليم في الجامعة في شهر أيلول من العام المنصرم، بحسب فرهاد، ولكنه لم يطبق حينها كون (حركة الطلبة الديمقراطيين) التابعة ل (pyd) أعادت فتح مقراتها داخل كليات الجامعة. ويتابع فرهاد حديثه بأن هنالك خوف من إعادة فتح مكاتب «الطلبة الديمقراطيين»، لأن أعضاء في الحركة أكدوا بأن «الإغلاق سيكون فقط خلال الامتحانات». الإجراء الذي قد يعرض الآلاف من الطلبة للخطر، إذ يخشى من إغلاق الجامعة ونقل طلابها إلى جامعات سورية أخرى، ما سيدخل الطلاب في متاهات جديدة، ويعرضهم لمخاطر الاعتقال بالسفر إلى مدن تخضع بشكل كامل لسيطرة النظام وقبضته الأمنية.

يرى محسن عبدو-وهو والد أحد الطلبة بجامعة الفرات- بأن افتتاح الجامعة مجدداً جاء بعد ضغط شعبي على الإدارة الذاتية والنظام السوري، إذ يتمسك الأهالي بالجامعة منذ افتتاحها في العام 2006؛ حيث ساعدت الكثير من الشبان الذين لم يكن بإمكانهم تحمل نفقات الدراسة في جامعات أخرى، كذلك الحال لدى الفتيات اللواتي لم يكنّ يستطعن متابعة تعليمهن بعيداً عن عائلاتهن. ويلاحظ العبدو، الذي يبدو قلقاً على مصير ابنه التعليمي، أن الخلافات السابقة بين «الإدارة» والنظام لم تكن تصل إلى هذا الحد بتهديد مستقبل (40) ألف شخص، هم عدد طلاب الجامعة، لا يستطيع معظمهم إتمام دراسته في جامعات أخرى، في حال أغلقت جامعة الفرات أو فروعها في مدينة الحسكة.