تنظيم "الدولة" يحاصر أحياء حلب "الغربية"

ومطالباتٌ بفتح معبرٍ إنسانيٍّ مع "الشرقية"

رغم أن طريق خناصر يبعد قرابة 100 كيلومترٍ عن مدينة حلب، إلا أنه يعدّ شريان الحياة الذي تدخل منه كافة المواد الغذائية والمحروقات القادمة من المحافظات السورية إلى أحيائها الواقعة تحت سيطرة النظام، أو ما يعرف بـ"الغربية". وتؤثر المعارك التي تدور هناك بين الفصائل المقاتلة وقوّات النظام، التي تسيطر على الطريق، على الوضع المعيشيّ فيها.

"الدولة" تقطع شريان الحياة

في 20 تشرين الأوّل المُنصرم شنّ تنظيم الدولة هجوماً على حواجز قوّات النظام على طريق خناصر، وتمكّن من السيطرة على العديد منها وقطع شريان الأحياء الغربية، ما تسبّب في موجة ارتفاعٍ جنونيٍّ لأسعار المواد الغذائية والخضروات والمحروقات.

ووجّه ناشطون معارضون يقيمون في هذه المناطق نداءاتٍ، عبر حساباتهم بأسماءٍ مستعارةٍ على موقع التواصل الاجتماعيّ فايسبوك، لفتح معبرٍ إنسانيٍّ بين شقّي المدينة لتأمين دخول وخروج المرضى وإدخال المواد الغذائية والخضروات من المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش السوريّ الحرّ، إلا أن تلك النداءات لم تجد آذاناً صاغية، الأمر الذي تسبّب في ظهور حالةٍ من الشعور بعدم الإحساس بالآخر بل والحقد عليه.

ويبقى السؤال الذي يؤرّق سكان "الغربية" هو متى ستتم إعادة فتح الطريق، سواء من خلال "الحسم العسكريّ" الذي يعد به إعلام النظام، أو بتحييد المدنيين والسماح بإدخال المواد الغذائية والمحروقات على غرار ما يحصل في ريف حلب الشماليّ، حيث يسمح الثوار بإدخال المواد الغذائية إلى مناطق سيطرة التنظيم، الذي يسمح بدوره بإدخال المحروقات من مناطقه إلى مناطق الثوار.

شكاوى من ثوّار "الغربية"

وعلق أحد الناشطين المعارضين، الذي اختار لقب عمار الحلبي، على الموضوع، في تصريحٍ لـ"عين المدينة" قائلاً: "بدأنا، كناشطين، وحتى المدنيين الذين لا علاقة لهم بأحد الطرفين، بالشعور جدياً بأن أهلنا في المناطق المحرّرة يقفون ضدنا ولا يشعرون بنا، وكأننا نحن من نقلنا مساكننا وبيوتنا إلى مناطق سيطرة النظام!".

وأضاف الحلبي متسائلاً: "لماذا نُحمَّل تبعات ذنبٍ لم نقترفه؟ ولماذا يظلمنا الثوّار الذين عملنا معهم أيام الحراك السلميّ؟ حين كنا نتنقل بين الأحياء للاشتراك في مظاهرةٍ هنا أو القيام بنشاطٍ ضد نظام الأسد هناك، دون السؤال عن خلفية سكان الحيّ الذي ننفذ فيه نشاطنا أو توجهاتهم السياسية".

وتابع: "منذ إغلاق معبر بستان القصر، الذي كان يصل شقي المدينة، لم نعد نستطيع التنقل بحرّيةٍ بين الأحياء المحرّرة والمحتلة، خوفاً من المرور على حواجز الشبيحة والأجهزة الأمنية والجيش التي توجد بكثافةٍ على طريق خناصر. ولكن يجب أن نُقرّ أن من أغلق المعبر هم الثوّار وليس النظام، وبالتالي هم من نفونا وهمّشونا وحاصرونا بطريقةٍ أو بأخرى".

الثوّار مع المعبر، لكن بشروط

وللوقوف على رأي أصحاب القرار في موضوع فتح المعبر زار مراسل "عين المدينة" في حلب أحد مقرّات الجيش السوريّ الحرّ في حيّ "بستان القصر" الواقع على خطّ التماسّ بين شطري المدينة، والذي كان نقطة تواصلٍ من خلال معبر "كراج الحجز" الذي تمّ إغلاقه أواخر عام 2013.

وقد أكد القياديّ أبو فؤاد موافقة الثوار على إعادة فتح المعبر، ولكن: "لدينا شروطٌ لفتحه؛ أهمها تقديم ضماناتٍ بعدم استهداف المارّة برصاص قنّاصي النظام كما كان يحصل، إذ كانوا يستهدفون يومياً عشرات المدنيين أثناء عبورهم بين الطرفين".

وتابع أبو فؤاد: "معظم ناشطي الأحياء المحرّرة، وحتى الثوّار، لديهم أهالي وأقارب يقطنون في المناطق الغربية، ويرغبون في وجود معبرٍ بين قسمي المدينة لتسهيل زيارتهم لهم. لكن سلامة أهلنا وإخواننا الراغبين في التنقل بين الطرفين هي الأهمّ، ومن غير المعقول أن نسمح لهم بالعبور إلى الموت المجانيّ".

وأضاف أبو فؤاد: "سبق وأن بحثنا مع مندوبي منظمة الهلال الأحمر هذا الأمر، وأبلغناهم بموافقتنا على فتح معبرٍ إنسانيٍّ، لكن النظام مُصرٌّ على رفض كافة الشروط. وقد لجأ مؤخراً إلى عقد اتفاقٍ مع الميليشيات الكردية، وقاموا فعلاً بفتح معبرٍ في حيّ الشيخ مقصود، لكننا رفضنا ذلك لأننا لا نعتبر الميليشيات الكردية منا. إنها فعلياً جزءٌ من نظام الأسد".