تطبيق المشي swetatcoin في إدلب .. المشي على شاشة الجوال فقط

يقضي أبو محمد وقته أثناء متابعة انشغال أصدقائه بلعب الورق، بتحريك جواله يمنة ويسرة، يهزه بحركات غير منتظمة يتراءى للناظر إليه بأنه يخلصه من قطرات ماء سقطت عليه. يفتح الشاشة بعد بضعة دقائق يراقب عداد الخطوات ضمن "برنامج المشي" ليتأكد من زيادة رصيده من الخطوات، يقفل الشاشة ويعيد ذات الحركات مرة أخرى.

أبو محمد شاب ثلاثيني نازح من مدينة حماة، بدأ باستعمال تطبيق "swetatcoin" أو ما يعرف محلياً بتطبيق المشي، ويتلاعب على البرنامج بتلك الحركات ليزيد رصيده ويكسب نقاط إضافية.

مؤخراً لاقى برنامج "swetatcoin" رواجاً بين السوريين في إدلب، وهو تطبيق يمنح المشترك نقطة واحدة في رصيده مقابل كل ألف خطوة يمشيها، والهدف من التطبيق -كما نقلت مواقع مختصة عن مصمميه- تشجيع الناس على ممارسة الرياضة، وفي الوقت نفسه يكسب التطبيق أرباحه من خلال الإعلانات التي يعرضها للمشتركين والتي يمنحهم عليها نقاط إضافية، إلا أن للسوريين رأي آخر، فتنوعت أساليبهم في استعمال التطبيق لحصد نقاط إضافية وكسر أرقام جديدة من الخطوات دون أن يتحركوا من غرفهم.

يقول أبو محمد إنه يحتاج إلى أكثر من 10 آلاف خطوة حتى يحصل على 10 نقاط يومياً، وهو أمر صعب إذ لم يتجاوز مسيره اليومي في أفضل الأحوال 5 آلاف خطوة، وقد لاحظ أن التطبيق يحتسب أي حركة يتحركها الجهاز ويعتبرها خطوة، ما شجعه على الاستفادة من هذه "الثغرة".

لا يجني أبو محمد أموال كثيرة من التطبيق، ولم يبع أي نقطة من رصيده حتى الآن، لكنه يعتبرها كحصالة يجمع فيها النقاط وسيبيعها يوماً عند تحسن السعر أو عند حاجته إليها.

يحتاج التطبيق إلى حسابات محددة لتحويل الرصيد من نقاط رقمية إلى الدولار، وهو ما شجع كثيرين للعمل كوسطاء بين أصحاب تلك الحسابات والمشتركين العاديين. وتباع كل ألف نقطة في إدلب بمبلغ يتراوح بين 10 إلى 15 دولاراً، وتتنقل النقاط من مندوب إلى آخر أكبر حتى تباع أخيراً ب50 دولاراً.

سامي الياسين شاب اشترك بالبرنامج منذ أكثر من شهر، يقول "لا يمكن أن تعتبر البرنامج في الحالة الطبيعية مصدر رزق، إذ لا يمكن أن أجني في الشهر أكثر من 300 نقطة وتساوي 5 دولارات، وهو ما دفع كثيرين إلى إيجاد طرق يمكن أن يتحايلوا بها على التطبيق ويكسبوا أموالاً مضاعفة، وذلك عبر ربط الهاتف بأجهزة أخرى تحاكي حركة المشي، وبالتالي يحتسب نقاطاً أكبر. الأمر الأخير أتاح لفنيي الكهرباء فرصة جديدة للعمل".

أحمد أبو مهدي فني إلكترونيات من ريف حماة مقيم في سلقين، صنع عدة أجهزة لزيادة رصيد الخطوات في التطبيق، يقول أنه غير متحمس لهذه الأجهزة التي صنعها كما لم يقتنع بهذه البرامج، لكنه اضطر إلى صناعتها نتيجة إلحاح الأصدقاء وإحراجه بطلباتهم المتكررة.

تبلغ كلفة الجهاز اليوم بين 8 إلى 10 دولارات؛ يعمل المستخدم على ضبط التطبيق على النقاط المضاعفة لمدة 20 دقيقة، ويربط هاتفه بالجهاز للحصول على تلك النقاط.

يُستعمل التطبيق من قبل كافة الشرائح العمرية، لكن فئة الشباب هي الأكثر تلاعباً وتحايلاً على التطبيق. يقول بعض من التقيناهم أنه بمثابة تحدٍ لمهاراتهم في التلاعب على الذكاء الصناعي، بينما يرى آخرون أنها ثغرة لجني بعض الأموال.

عبد الله شاب من قرية زردنا التابعة لمعرة مصرين، صنع بأسلوب بسيط جهازاً يحرك الهاتف بشكل دائري يوهم الهاتف بحركة صاحبه، فيقوم باحتساب الخطوات. بعد تجربة الجهاز بدأ عبد الله بالتسويق لجهازه وبيعه للزبائن بأسعار تتراوح بين 4 و5 دولارات، بينما بدأ بالعمل على التطبيق نفسه لكن بأسلوب مغاير، إذ تمكن من التسجيل بعشرة حسابات وهمية على كل هاتف من هواتفه، وبداً بجني النقاط على كافة الحسابات في وقت واحد، وفي نهاية اليوم يقوم بتحويل نحو 300 نقطة إلى حسابه الرئيسي، وهو ما يجمعه المشترك النشط خلال شهر كامل على جهاز واحد.

وجد عبد الله في هذا التطبيق فرصة عمل يقول عنها "كلما توفرت لي بعض الأموال اشتريت جهاز هاتف جديد لأضاعف من أرباحي. يمكن أن أجني من الهاتف الواحد كل يوم نحو 3 دولارات".

البرنامج لم يخلُ من عمليات الاحتيال؛ رصدنا خسائر لعدة شبان تحدثوا عنها ضمن إحدى غرف برنامج وتساب المختصة بهذا البرنامج. أحدهم أبو أحمد الذي تحدث عن تعرضه للاحتيال بعد تحويله النقاط لأحد المندوبين عن بعد وقيام المندوب بعدها بحظره دون أن يرسل قيمتها، بينما تعرض آخرون لعمليات احتيال قد تكون أصعب نتيجة جهلهم، وذلك بعد قيامهم بمشاركة شاشة جوالاتهم عن بعد مع أحد المندوبين وتحويل المندوب الرصيد إلى حسابه دون أن يدفع ثمنها، لكن الخطر الأكبر يكمن في حال قام ذلك المندوب باختراق الهاتف والاطلاع على خصوصية العميل ثم ابتزازه، ولا يملك المشترك في هذه الحالة أي وسيلة لاسترداد حقه باستثناء نشر صورة الحساب (الذي يكون في الغالب حساباً وهمياً) لتحذير الناس منه.

عبد الله تعرض لعملية احتيال مماثلة في بداية عمله، لكنها اختلفت عن سابقاتها، إذ انتحل المحتال اسم أحد معارف عبد الله وبدأ بشراء النقاط من الناس عبر تحويلها عن بعد، وبعد أن حصل على النقاط قام بإرسال إشعار بقيمة المبلغ المطلوب، لكن تبين لاحقاً أن الإشعار وهمي والشخص الأساسي لا يعلم أبداً بالقصة.

تكرار هذه الحالات دفع الناس إلى الامتناع عن بيع النقاط إلا بعد اللقاء بالمندوب وجهاً لوجه، وبالتالي البيع بأسعار أقل من الأسعار الحقيقية في تركيا، والتي قد تصل لأربعين دولار لكل ألف نقطة.

يلجأ الناس لمثل هذه البرامج على مبدأ "مو خسران شي" وأي مبلغ يتم جمعه هو مكسب حقيقي لهم، لكنهم يتحولون إلى أداة ربح لدى الشركات التي تصنع مثل هذه التطبيقات، إذ تجاوز عدد المرات التي تم فيها تحميل التطبيق من متجر غوغل بلاي (google play) أكثر من خمسين مليون مرة.