الهلال الأحمر يوقف تزويد محطّات المياه بـ"الكلور" و800 ألف شخصٍ في دير الزور لن يجدوا مياهاً صالحةً للشرب

أُبلغ موظفو محطّات تصفية مياه الشرب، في الأجزاء الخارجة عن سيطرة النظام في محافظة دير الزور، عبر نظرائهم في مؤسسة المياه، أن منظمة الهلال الأحمر العربيّ السوريّ أوقفت تزويد محطّات الريف بمادة هيبوكلوريت الصوديوم، المعروفة بالكلور السائل، واللازمة لتعقيم المياه.
وسيؤدّي هذا إلى توقّف هذه المحطّات تباعاً، خلال أيامٍ إلى أسابيع، بعد نفاد مخزونها من "الكلور"، مما يحرم أكثر من 800 ألف نسمةٍ، هم سكان ريف دير الزور، من المياه الصالحة للشرب، وينذر بكارثةٍ صحيةٍ وشيكةٍ في المحافظة التي تعاني أصلاً من كثرة الأوبئة والأمراض.
ويفسّر بعض موظّفي قطّاع مياه الشرب سلوك الهلال الأحمر بالضغوط التي يمارسها النظام على هذه المنظمة، وتحكّمه في عملها إلى حدٍّ كبير. إذ جاء القرار كردِّ فعلٍ انتقاميٍّ على حصار تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش لأجزاء مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، ووسيلةً لمساومة التنظيم على ذلك.
وبحسب تقريرٍ سابقٍ نشرته "عين المدينة" عن مياه الشرب في محافظة دير الزور، يبلغ الاحتياج الكليّ لمحطات تصفية مياه الشرب في ريف دير الزور 80 ألف ليترٍ شهرياً من "الكلور" في الحدّ الأدنى، وبتطبيق برامج تقنين، توزّع على 100 محطّةٍ بحجومٍ وغزارات إنتاجٍ مختلفة. وهي كميةٌ كبيرةٌ جداً، سيعجز تنظيم "الدولة" عن تأمينها، بحسب ما يقول ناشطٌ سابقٌ في الهلال الأحمر. وستعجز عن تأمينها كذلك معظم المنظمات الإنسانية، أو ما تبقى منها في دير الزور، بإمكاناتها وطرائق عملها الحالية. ويقترح مختصّون في تصفية المياه خطّة طوارئ تبدأ بمخاطبة الهيئات والمنظمات الإنسانية الدولية لحثّها على التدخل، وتعويض الكلور السائل بالكلور الجافّ المعروف بـ"البودرة"، وهي طريقةٌ بديلةٌ يمكن أن تحقق المستويات المطلوبة من جودة المياه.
ومن جانبهم، يتنصّل مسؤولو "مكاتب خدمات المسلمين" في داعش من المسؤولية في هذا الخصوص. ويحضّ المقرّبون منهم بعض ناشطي المنظمات على السعي في تأمين هذه المادة، بالرغم من القرارات الأخيرة بمنع هذه المنظمات عن العمل. ويشير هؤلاء إلى أن التنظيم سيخفّف من القيود التي يفرضها على أية منظمةٍ تزوّد محطّات الشرب بمادة الكلور.
قبل الثورة، كان معمل الورق في دير الزور ينتج، في أحد أجزائه، مادة الكلور، ويزوّد بها معظم محطّات مياه الشرب في محافظات المنطقتين الشرقية والشمالية. تعرّض المعمل لحريقٍ هائلٍ بفعل المعارك في محيطه، صيف عام 2012. ومنذ ذلك الوقت عملت منظمة الهلال الأحمر على استجرار هذه المادة من الأردن، ثم توزيعها على المحافظات. ومن جانبه يزوّد نظام الأسد محطات التصفية في أجزاء مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرته -7 محطاتٍ- بمادة الكلور الجافّ، عن طريق نقلها جوّاً إلى مطار دير الزور العسكريّ.