اللاجئون السوريون في النرويج
محظوظون ولكن...

على الحجة أم محمد (خديجة العلي، 58 عاماً) أن تقضي 600 ساعة تعليمية في مدرسة اللغات في مدينة بيرغن النرويجية، بعد أن نالت حق الإقامة المؤقتة لمدة 3 سنوات منذ شهرين.

السيدة خديجة من إدلب. لا تجيد القراءة والكتابة باللغة العربية. أجبرتها ظروف الحرب على السفر إلى تركيا ثم إلى النرويج بعد أن وافقت الحكومة هناك على لمّ شملها لتلتحق بأولادها.

«بعد ما شاب ودّوه ع الكتّاب»، تقول خديجة، لتكمل أنها لم تستطع تعلم أي كلمة نرويجية حتى الآن، ولكنها تأتي إلى المدرسة لأن مقابل كل يوم غياب بدون عذر يقتطع من راتبها ما يزيد على 50 $.

محمد، ابنها البكر، قال إن هذا القانون جديد: «عند قدومنا إلى النرويج كان سن التعليم 54 سنة، ولكن الحكومة عدلت القرار ليصل حتى 67 عاماً».

تمشي السيدة خديجة 1 كم، خمسة أيام في الأسبوع، لتصل إلى مدرستها، في الظروف المناخية القاسية لمدينتها. فضلاً عن شعورها بالخجل كما قالت، فهي، في الغالب، لا تحل واجباتها المدرسية ولا تجيب عن الأسئلة التي تطرحها المدرّسة. «ع طول الآنسة ريما بتتعاطف معي وما بتسألني». المدرّسة، عراقية الأصل، قالت: «أثبت السوريون أنهم أكثر اللاجئين اندماجاً وتعلماً»، وعن أم محمد قالت: «ليس هناك شخص لا يستطيع التعلم، أحاول دائماً تعليمها بعض الكلمات. أقدّر وضعها، لكن القوانين هي القوانين».

وعن واقع التعليم في النرويج يقول أحمد مرعي، وهو محامٍ لجأ إلى هناك منذ 3 سنوات، إن «منظمة nokot النرويجية تعمل على تعديل شهادات اللاجئين السوريين الراغبين في الالتحاق بالمدارس الثانوية أو بالجامعات، ولا يستغرق هذا الأمر أكثر من أربعة أشهر في الغالب، وبعد التعديل يلتحق من شاء بالجامعة لاستكمال دراسته بعد إضافة بعض المواد إلى مقرراته».

وتنقسم المراحل الدراسية في النرويج، بحسب مرعي، إلى ثلاث؛ أولاها من الصف الأول وحتى العاشر، وليس هناك رسوب في هذه المرحلة ولكن «عائق اللغة هو ما يعانيه معظم الطلاب فيها». أما المرحلة الثانوية فمن الصف العاشر حتى البكالوريا، وهي مرحلة العلامات التي تحدد الفرع الذي سيكمل فيه الطالب. ويحق لجميع الأعمار التقدم للثانوية العامة إلا أنه يشترط على البالغين أن يكونوا قد أنهوا المستوى الثالث من تعلم اللغة (B1). وأخيراً المرحلة الجامعية التي يشترط فيها أن يكون اللاجئ قد أنهى المستوى الرابع من اللغة النرويجية ((B2 وأن يجيد اللغة الإنكليزية.

ولا يمكن لأي لاجئ، بحسب المدرّسة ريما، أن يتقدم للحصول على الإقامة الدائمة (خمس سنوات) دون أن يكون قد أنهى المستوى الأول من اللغة A1))، بينما يجب عليه لتقديم الجنسية، بعد 7 سنوات، أن يكون قد أنهى المستوى الثاني (A2) ونجح في فحص العلوم الاجتماعية.

ويتمتع اللاجئون السوريون في النرويج بظروف أفضل من مثيلاتها في البلاد المجاورة، إذ يحق لهم انتخاب أعضاء المجالس البلدية في المناطق التي يعيشون فيها. كما تتكفل الحكومة النرويجية بدفع ما يسمى «بدل السكن» للاجئين، ويجب -بحسب القانون- أن يتبقى مبلغ 5580 كرونة لكل لاجئ (ما يعادل 600 $ تقريباً) من الراتب الذي تقدمه الحكومة مهما كان إيجار بيته. كما يحصل معظم اللاجئين على الإقامة المؤقتة لمدة 3 سنوات، ما يؤهلهم للمّ شمل عائلاتهم. ومنذ أيام أصدرت الحكومة النرويجية «قانون ازدواج الجنسية»، وبموجبه لم يعد مطلوباً التخلي عن جنسيتك الأساسية حين تنال الجنسية النرويجية، الأمر الذي «أراح اللاجئين السوريين وأعاد إليهم الأمل وحقهم في العودة يوماً ما إلى بلادهم»، كما يقول حسين الخليل، وهو أحد السوريين الذين اضطرهم الاستدعاء إلى الخدمة العسكرية إلى الفرار خارج البلاد.

ويضيف حسين، الذي أكمل سنتين في النرويج: «جميع الناس هنا لطفاء، ولم أشعر يوماً بالإهانة أو بالتمييز من أحدهم. دائماً الابتسامة على وجوههم». أما عن السلبيات فيقول: «أكثر المصاعب التي واجهتنا كانت في طول المدة التي قضيناها في الـ«كامباتر المؤقتة، فلا يوجد قانون يحدد هذه المدة ولا جهة نراجعها. بقيت ستة أشهر في الكامب وبعض الناس أكملوا السنة».

كما يعاني اللاجئون من طبيعة النرويجيين المنغلقة، فهم لا يقيمون علاقات اجتماعية حتى في ما بينهم، بحسب علي كنعان، وهو لاجئ سوري في بلدة TUSSE، عبّر أن «العلاقات هنا صفر، فالجميع في عمله. ولكنهم يعاملون اللاجئين بطريقة جيدة ويجيبون عن تساؤلاتنا بلا امتعاض ولا تذمر، عكس ما شاهدته خلال رحلتي نحو النرويج في بلدان كألمانيا والنمسا وغيرها».