الشرطة النسائية الحرة في إدلب.. حيز عام لمشاركة المرأة وتمكينها

تأسست الشرطة النسائية الحرة في إدلب في منتصف عام 2017 بهدف تعزيز دور المرأة ومشاركتها في العمل الأمني، ورفد مراكز الشرطة بالعنصر النسائي الذي أصبح أهم واجباته التحري وتفتيش النساء اللواتي يلقى القبض عليهن والتحقيق معهن عند الضرورة، إضافة إلى الإشراف على النساء في دور التوقيف والرعاية.

الرائد حسين حسيان، مسؤول فرع الإعلام في شرطة إدلب الحرة، يؤكد على ضرورة عمل المرأة في الجانب الأمني بقوله: "في ظل الظروف الأمنية المتدهورة التي تعيشها المناطق المحررة، تطلّب عمل الشرطة الحرة وجود الكادر النسائي بسبب ما تقتضيه الضرورة والمصلحة العامة، حيث أُخضعت النساء المنتسبات لدورات تدريبية مكثفة، ثم وُزعت الشرطيات اللواتي تم تخريجهن على مراكز الشرطة في إدلب وريفها، والأقسام ذات الاحتكاك بالعنصر النسائي، كقسم حماية السجن وشرطة العدلية وقسم الأمن الجنائي، لتكون الشرطة النسائية عوناً لتلك الأقسام، وقد وُضعت شروط لقبول الكوادر النسائية، منها الحصول على الشهادة الإعدادية واللياقة البدنية".

ويبين حسيان بأن عدد المنتسبات بلغ حوالي 80 شرطية توزعن على مخافر محافظة إدلب، بحيث يكون لكل منهن مهمتها ووظيفتها التي تقوم بها، فيما يتركز عملهن على القضايا التي تخص النساء والأطفال من خلال التفتيش والتحقيق والتحري، إضافة إلى دورهن في نشر التوعية بين النساء والأطفال، وعقد الندوات وإلقاء المحاضرات عن السلامة العامة، وكيفية التعامل مع الأجسام الغريبة، والقنابل العنقودية، ومخلفات القصف وغيرها.

أم جميل من معرة النعمان، إحدى المنتسبات للشرطة الحرة، تتحدث لعين المدينة عن عملها قائلة: "قررت الانضمام إلى الشرطة كخطوة في تغيير حياتي، والدخول في تحدٍّ كبير لإثبات وجودي في معترك الحياة، ليكون للمرأة في جهاز الشرطة دور فعال وإيجابي من خلال حل القضايا التي تخص المرأة والطفل، فهي الأقرب لهاتين الشريحتين، وهي الأم والأخت والأجدر على معرفة همومهم بسبب (طبيعتها الخاصة)". مضيفة: "اكتسبت مع زميلاتي خلال عملنا الكثير من المهارات والمعلومات التي تفيدنا، علماً بأننا تلقينا تدريبات أمنية في العلوم المسلكية، وكيفية حماية أنفسنا، واستخدام الأسلحة، وكشف الجرائم النسائية والمخدرات، وتنظيم الضبوط، والتعرف على خصائص التحقيق ومراحله، وأساليب جمع الأدلة وفحصها، وذلك وفق مقاييس قانونية دولية، إضافة إلى تعلم مهارات التواصل، وحقوق الإنسان، وكيفية التعامل مع المطلوبين والمعتقلين".

وتؤكد أم جميل بأنها تقوم بالتعامل مع أي قضية بتنظيم الضبط، وتدوين المشاهدات والإفادات، ثم جمع الأدلة وتقديمها بداية إلى اللجنة الصلحية، التي تعتبر بمثابة محاكم مصغرة تعمل على حل النزاعات صلحياً بالطرق السلمية، ثم اتخاذ الإجراءات القانونية في حال تعذر الحل السلمي.

وتظهر أم جميل إصرارها مع زميلاتها في العمل، على الرغم من معاناتهن من قلة وسائل الاتصال ووسائل النقل، واستنكار البعض لمشاركة النساء في مجالات العمل التي كانت سابقاً حكراً على الرجال.

وبالمقابل استطاعت الشرطة النسائية أن تثبت جدارتها على الأرض، وأن تجد قبولاً واستحساناً من قبل شريحة واسعة من المجتمع المدني، باعتبارها تعمل على حماية الأطفال من الانتهاكات والاستغلال، إضافة إلى مدّ يد العون والمساعدة للنساء وسماع شكاواهن.

أم عبد الله، من بلدة تلمنس بريف إدلب، تتحدث لعين المدينة عن استفادتها من عمل الشرطة النسائية قائلة: "بعد خلافي مع زوجي، عمد في سبيل الانتقام على أخذ طفلي وحرماني من حق حضانته، فلجأت إلى الشرطة النسائية وقدمت بلاغاً ضده، فتمّ استدعاؤه من قبل مدير المركز الذي أعاد إليّ طفلي بالتراضي، كما قام زوجي بالتوقيع على تعهد بعدم تكرار الموقف".

كذلك خديجة من معرة النعمان ادعت لدى الشرطة النسائية في شهر حزيران عن سرقة مصاغها الذهبي،ً وعن ذلك تقول: "لم أتردد بتقديم شكوى للشرطة النسائية عن حادثة السرقة التي وقعت في منزلي، وبعد التحقيق والتحري، تمّ التوصل إلى السارق وتحويله إلى المحكمة واسترداد حقي بالكامل".

المحامية عبير فيلوني من مدينة إدلب، تتحدث عن ضرورة الشرطة النسائية بقولها: "وجود النساء في مراكز الشرطة الحرة يعطي دافعاً كبيراً لأي امرأة كي تتقدم إلى مركز الشرطة بشكواها، أو تقديم بلاغ ما، دون أن تتعرض للمساءلة من قبل شرطي، حيث تتمكن من تقديم شكواها أو بلاغها عن طريق سيدة مثلها تعمل على تقديم المساعدة لها، كما أن وجود النساء في سلك الشرطة المدنية يعتبر خطوة مهمة في بناء سوريا المستقبل"