الزكاة على الزيتون تضاف إلى الحرب والفقر لتزيد من معاناة مزارعي إدلب

الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام

جاء التعميم بفرض الزكاة على محصول الزيتون من قبل الهيئة العامة للزكاة التابعة لحكومة الإنقاذ، ليزيد من معاناة مزارعي الزيتون في منطقة إدلب الذين أرهقتهم سنوات الحرب الطويلة وزادت من فقرهم.

ويفرض التعميم على المزارعين دفع المبالغ المترتبة عليهم داخل معاصر الزيتون في المحافظة، بعد أن تبلغت هذه المعاصر بعدم السماح لأصحاب المحاصيل باستلام محصولهم من الزيت حتى يتم دفع الزكاة عنه. وقدرت الزكاة على محصول الزيت والزيتون بنصف العشر من الكمية (5 %) في حال كانت الأرض مسقية، والعشر إذا كانت مروية عن طريق المطر (عذي)، وشددت الهيئة في تعميمها على ضرورة عدم بيع أية كمية من الزيت أو الزيتون إلا بعد أن يكون مالكها قد دفع الزكاة عبر إيصالات معتمدة لها.

استقبل التعميم برفض شعبي شهد ذروته في مدينة كفرتخاريم التي خرجت مظاهرات فيها، رفعت من سقف مطالبها بعد أن طردت "لجان جمع الزكاة" من المدينة، لتصل إلى رفض تواجد عناصر "هيئة تحرير الشام و"حكومة الإنقاذ" فيها. بينما قابلت "الهيئة" التحرك الأهلي في كفرتخاريم بحصارها وإمهالها يومين للرضوخ لسلطة "الهيئة" وقراراتها. الأمر الذي تم بعد اجتماع بين وجهاء المدينة وهيئة التحرير، كما أعلن مكتب العلاقات الإعلامية للهيئة. لكن الرضوخ للقرار لا يعكس آراء مزارعي الزيتون وقسم كبير من الأهالي في إدلب.

أبو أحمد واحد من مزارعي الزيتون في ريف إدلب. قال لعين المدينة "نعمل على مدار العام بشكل متواصل للإهتمام بمحاصيلنا من الزيتون رغم قلة الإمكانيات والمخاطر الناتجة عن بقاء ألغام وأجسام متفجرة في أراضينا. وها هي هيئة الشام تأتي لتفرض علينا ضرائب جديدة". وأضاف أبو أحمد بحسرة وغضب "لقد أرسلت الهيئة أشخاصاً من قبلها إلى معاصر الزيتون لمراقبة كمية الزيت وفرض الزكاة عليها، وقد أجبرت على دفع نحو 60 كيلوغراماً من الزيت كزكاة قبل أن يسمح لي بتسلم الإنتاج الذي يعتبر مصدر رزقي الوحيد". وختم قائلاً "هذه الضرائب الجديدة التي تفرض علينا أرهقتنا كثيراً، وهي سرقة لمحصولنا السنوي وسوف تبعدنا عن العناية بأشجارنا من الزيتون".

من جهته قال محمد يونس صاحب معصرة زيتون في إدلب شارحاً العوامل التي ساهمت في إضعاف مواسم الزيتون في منطقة إدلب: "لقد دمر القصف المتواصل منذ سنين طويلة قسماً لا يستهان به من بساتين الزيتون، كما أجبر الكثيرون أحياناً على اقتلاع أشجار الزيتون للاستفادة منها كحطب للتدفئة، يضاف إلى ذلك الإهمال الذي ساعد في بوار الكثير من بساتين الزيتون إما لمغادرة أصحابها المنطقة، أو لكونها في منطقة عسكرية كما هو حاصل بالنسبة إلى المناطق القريبة من بلدتي كفريا والفوعة". وأضاف محمد يونس "وما زاد الطين بلة أن موسم الزيتون لهذا العام ضعيف نسبياً، لقلة الرعاية بالأشجار من قبل المزارعين، ولارتفاع أسعار المحروقات اللازمة لتشغيل المضخات الكفيلة بإيصال المياه إلى بساتين الزيتون لرّيها".

وتعاني منطقة إدلب من نقص كبير في المعاصر التي لا يتجاوز عددها الأربع، وكانت آخر معصرة خرجت عن الخدمة تموز الماضي في أطراف بلدة سرمين ريف إدلب، عندما دمرها قصف للطيران الحربي الروسي أوقع أيضاً ضحايا في صفوف المدنيين العاملين فيها. وإضافة إلى فرضها الزكاة، صادرت هيئة تحرير الشام، التي تسيطر تقريباً على كامل محافظة إدلب، الآلاف من أشجار الزيتون في المنطقة في سلقين ودركوش وريف جسر الشغور تحت ذريعة أن أصحابها متواجدون في مناطق سيطرة النظام، أو من الموالين للنظام بشكل مباشر.
في هذا الإطار يقول الناشط المدني من ريف جسر الشغور: "إن هيئة تحرير الشام دائماً ما تقوم بمصادرة الأملاك العامة أو الخاصة تحت العديد من الحجج الواهية، وتحاول تبرير هذه الممارسات بالقول إنها تريد تغطية نفقات مئات الشبان من المرابطين على جبهات القتال مع النظام السوري". وأضاف الناشط المدني "لقد صادرت هيئة تحرير الشام قرابة 30 ألف شجرة زيتون في ريف إدلب الغربي، وتقول إن أصحاب هذه الحقول موجودون خارج سوريا أو داخل مناطق النظام، أو هم من الموالين للنظام"، وقدّر واردات هذه المنطقة من أشجار الزيتون بنحو 160 مليون ليرة سورية سنوياً.

وينقل سكان إدلب أن عوامل عدة تضافرت لتضرب مواسم الزيتون. فمع قدوم فصل الشتاء ومع ندرة المحروقات وارتفاع أسعارها، حيث وصل سعر برميل الديزل هذا العام إلى 90 ألف ليرة سورية، وسعر طن الحطب إلى 89 ألف ليرة سورية، لا يجد بعض سكان المنطقة مكرهين لتأمين التدفئة إلا قطع عدد من أشجار الزيتون لاستخدامها حطباً. كما تتقلص مساحة بعض بساتين الزيتون القريبة من المنازل بسبب حركة بناء نشطت بعد أن أصبحت محافظة إدلب المكان الوحيد المحرر لجميع المهجرين من مختلف المحافظات السورية، من دون أن ننسى براميل النظام المتفجرة التي تتسبب أحياناً كثيرة بحرائق تقضي على مساحات من بساتين الزيتون المجاورة للمنازل.

وتأتي إدلب في المرتبة الثانية من حيث عدد الأشجار والإنتاج بعد محافظة حلب على مستوى سوريا. وقد قال المهندس الزراعي بسام الخالد لعين المدينة إن "إجمالي المساحات المزروعة بهذه الشجرة يبلغ حوالي 128554 هكتار المروي منها 4'6 آلاف هكتار، وذلك حسب آخر إحصائية قامت بها مديرية إكثار البذار التابعة للحكومة المؤقتة في محافظة إدلب".

وقدّر الخالد عدد أشجار الزيتون في محافظة إدلب بما يقارب 15 مليون شجرة، المثمر منها 13 مليون شجرة.‏ وأوضح أن الإنتاج بلغ 210 آلاف طن، وهي أعلى كمية إنتاج زيتون تسجل في محافظة إدلب. لكن عدم وجود تصدير للزيت خارج محافظة إدلب وكثرة العرض هذا الموسم أفقد سعر زيت الزيتون ثمنه، حيث انخفض سعر الكيلوغرام الواحد منه من 2000 ليرة سورية العام الماضي إلى ألف ليرة سورية هذا العام.