الرياض (2) سقطة جديدة للمعارضة

لا تكنُّ السعودية ولا غيرها من دول الخليج، رغم اختلاف تعاطيها الشكلي مع المعارضة، أي احترام لثورة الشعب السوري، ولم تنظر إليها في أي يوم من الأيام إلا كحالة يجب إخضاعها.

مؤتمر الرياض (2) محاولة إخضاع جديدة، جاءت هذه المرة سافرة من دون تحفظات، وعلى الطريقة الرعناء المتغطرسة لحاكم السعودية الجديد. حيث صدرت التعليمات من هناك لزمرة من المعارضين، ساعية بدأب ومستعدة على الدوام لتنفيذ رغبات الدول، ولو على حساب المصالح العليا للثورة. قبيل انعقاد المؤتمر حددت مخرجاته بالتحلل من شرط رحيل بشار الأسد، وأثناء التحضير له صممت بطاقات الدعوة على هذا الأساس.

ضمت قائمة المشاركين بالمؤتمر ثلاث فئات، عناصر الفئة الأولى ينتمون إلى الطيف التقليدي من المعارضين الحاضرين أبداً في كل المناسبات، وتضم الثانية طموحين يريدون تثبيت أنفسهم في الفئة الأولى كي لا تفوتهم فائتة خير هنا أو هناك، ومثّل ذوو النوايا الحسنة الفئة الثالثة الضرورية من ناحية الشكل، عديمة التأثير في مجريات المؤتمر. وإلى جانب هذا الجمع السعيد دعي إلى الرياض مؤيدون للنظام بصفة معارضين.

في كل مرة تجتمع المعارضة.. تنكشف العيوب، عيوبها، ويبرز الخلل العميق في بنيتها. مؤتمر الرياض (2) دليل مضاف خلال سنوات على أدلة سابقة. غير أنه عبّر عن درجة تردٍ كبيرة لم يسبق أن هبط بمثلها من قبل. فالخطوط الحمر والمبادئ السياسية كانت مصانة، ولم يجرأ أحد، حتى أشد المعارضين الرسميين انتهازية، على الاقتراب منها، واقتصرت الخفة والحمق والتلاعب في معظم الحالات السالفة على الأداء.

بنتيجة الرياض (2) انضم مؤيدون للنظام وأعداء علنيون للثورة، مما يعرف بمنصتي موسكو والقاهرة، إلى وفد المعارضة المفاوض للنظام، الذي سيفاوض وفق هذه الحال بعض نفسه في وفد المعارضة. وعلى هذا ستقف هيئة التفاوض أمام مأزق لن تخفف من خطورته ابتسامات نصر الحريري، ولا ألاعيب أحمد رمضان اللفظية. فإما مسايرة ممثلي النظام في وفد المعارضة، أو التصدع. وبلا شك سيتحقق الخيار الأخير.

ومثل غيره من مؤتمرات سابقة سينسى مؤتمر الرياض، وتتلاشى آثاره مهما كانت، وستبقى الثورة.