التجمعات الشبابية في دير الزور

عدسة عمر | خاص عين المدينة

"خمسون عام والشباب السوري من دون قيمة"، عبارة شهيرة يذكرها ثوار دير الزور، حين صرخ بها أحد شباب المدينة في أولى المظاهرات. هذا الشباب، الذي أرهقته عقود البعث الخمسة وسفّهته وجعلته على هامش المجتمع، عاد اليوم مع فجر الحرية يصنع مستقبلاً أفضل ويرمم حاضراً أثقلته الحرب.
استطاع شباب دير الزور أن يضعوا تلك العقود خلف ظهورهم ليبدأوا من جديد. تجمعاتٌ وحركاتٌ شبابية استقطبت الشباب الثوري في المحافظة، لتضع طاقاته الكامنة في خدمة الثورة ضمن مفهوم التطوع.

 

 "الجميع مع الجميع"

بدأت حركة نشطاء على أيدي بعض الناشطين الذين آثروا البقاء في المدينة المحاصرة، لخدمتها وخدمة من تبقى من سكانها. فاجتمعوا، في بدايات أيلول من العام الماضي، ليشكلوا نواة هذه الحركة. وجّه شباب نشطاء اهتمامهم إلى المجالين الخدمي والإغاثي، في ظل نقص اللجان الإغاثية والهيئات الخدمية وقتها. ومع تحسن الوضع الإغاثي في المدينة، وتشكيل المجلس المحلي، وجّه شباب نشطاء اهتمامهم إلى العمل الإنساني.
ولأنه عدوهم الأول، كما يقول أبو سليمان، أحد المؤسّسين؛ قاموا بإنشاء جلسات توعية من خطر الجهل، فهو الآفة التي ساعدت على تسلط النظام. وبعدها قاموا بإنشاء مدرسة تستوعب 150 طفلاً. وأعدّوا مركزاً رياضياً وآخر ترفيهياً للأطفال، لكي يحظوا بفرصة اللعب بأمان، بعيداً عن شوارع المدينة التي باتت خطرة. وتابع نشطاء تقديم خدماتهم، فاختصوا المرأة بمكتب، أقام دوراتٍ لمحو الأمية، ومحاضرات تثقيفية وطبية.
وتضم نشطاء بعض الفنانين الذين تمكنوا من تزيين ما تبقى من جدران المدينة برسوم الغرافيتي المعبّرة عن روح الثورة. وانتهت الحركة مؤخراً من ورشات تهدف إلى تكريس فكر اللاعنف، بالتعاون مع إحدى المنظمات الأوربية، التحق بها مدنيون وعناصر من الجيش الحر. وفي رمضان المنصرم أعد نشطاء، بالتعاون مع منظمة روافد، مطبخاً رمضانياً لتوزيع وجبات الإفطار.
يفسر أبو سليمان شعار الحركة فيقول: ترمز الطاحونة إلى التحدي، والهلال إلى المرجعية الإسلامية، والألوان المتعددة إلى التنوع. أما هدف الحركة فهو التجمع من أجل خدمة جميع الناس،  أو، كما يقول شباب الحركة: "الجميع مع الجميع".

 

"هيك شبابنا"

أما حركة بلدنا فهي تجمعٌ لبعض الشباب في مدينة الميادين، اجتمعوا على التطوع من أجل النهضة والتطوير. قام شباب بلدنا بعدة نشاطات، أهمها تدوين أسماء شهداء المدينة على الجدران تخليداً لذكراهم، وإطلاق حملة بالتعاون مع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، لتشجيع الناس على توثيق أسماء الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين، وأنواع الأسلحة المستخدمة من قبل النظام.
ويحضّر شباب بلدنا لمشروع جديد هو تشجير الجزر الوسطية لإظهار المدينة بمظهر حضاري جميل، يعكس التغيير الذي أحدثته الثورة لدى الناس. وتهدف الحركة إلى إيصال فكرة إيجابية عن الشباب السوري، أو، كما اتخذوا شعاراً لهم: "هيك شبابنا".

 

"التغيير والبناء"

التغيير غاية أرادها شباب البوكمال، فأنشأ بعضهم ملتقى الشباب للتغيير والبناء، الذي يضم عدداً من شباب المدينة المثقف والملتزم، وهو من أوائل الملتقيات الشبابية في سوريا. قام بتفعيل العديد من النشاطات، أبرزها إنشاء مدرسة لتعويض الأطفال النازحين إلى المدينة ما فاتهم من التحصيل الدراسي. وكان مشروعهم لشهر رمضان الفائت هو إفطار الصائمين من عابري السبيل وممن أدركهم موعد الإفطار وهم على طريق العودة. ويقيم الملتقى حالياً ورشات لتنمية القدرات العقلية للشباب والمراهقين، يقدّمها أحد أعضائه المختصين.
لا يقتصر العمل التطوعي على الشباب، وليس حكراً عليهم، لكنهم الأكثر قدرة على إنجاحه وتطويره. وشباب سوريا اليوم يعرف ما يريد، ويبقى دائماً مستعداً إذا احتاجه بلده.