الأسدية ليست حكراً على النظام

لا تختلف ممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي pyd عن النظام الأسدي، بمعنى اتباعه سياسة تمييزية تصل إلى درجة العداء تجاه من لا ينتمون إليه أولاً وتجاه غير الأكراد ثانياً، وتحديداً تجاه العربي، محملاً إياه وزراً لا علاقة له به، رغم كل ادعاءات الديمقراطية التي تبين أنها ليست سوى غطاء مزيف لتنظيم استبدادي قائم على أساس عرقي.

استفاد التنظيم المذكور من حالة الفوضى التي سادت في سورية، ومن الاصطفافات الإقليمية والدولية، وقدم نفسه كجهة منظمة تواجه التطرف الإسلامي المتمثل في داعش، ليقيم لنفسه كانتونات معزولة في الجزيرة وعين العرب وعفرين. بالطبع تضم كل هذه المناطق أو الكانتونات سكاناً غير أكراد، ولكن الهيمنة كاملة للتنظيم أو ما يعرف باسم «الحزب»، وهو مشابه تماماً للحزب في مناطق سيطرة النظام، فهناك البعث وهنا الاتحاد الديمقراطي.

في فترة العيد، حين غادر الكثير من اللاجئين في تركيا إلى سورية لقضاء الإجازة بين أهاليهم؛ كانت من المناطق المقصودة بالزيارة قرى عربية في منطقة عفرين (سبع قرى)، وعفرين ذاتها. لكن تعامل الحزب مع الزائرين القادمين من تركيا كان خاصاً، فوفق اعتباراته تعدّ تركيا بلداً معادياً، مثلما تعدّه تركيا تنظيماً إرهابياً.

أغلق الحزب المعابر التي تصل عفرين مع مناطق سيطرة النظام ومع كل من الريفين الغربي والشمالي لحلب، منذ السبت 24 حزيران ولغاية نهاية أيام العيد في الأربعاء 28 من الشهر نفسه، وبالتالي حرم كل من يود زيارة أهله وأقربائه من الدخول إلى عفرين أو المرور عبرها في أيام العيد.

وذلك فضلاً عن أن دخول تلك المنطقة ليس بالأمر السهل، إذ يحتاج الزائر إلى كفيل مقيم في الكانتون (وبالمناسبة فهي نفس السياسة التي يتبعها التنظيم مع النازحين من الرقة). ويجب على الكفيل الحصول على موافقة من المجلس المحلي «المنتخب ديمقراطيا» بعد نيله رضا الحزب وقوات الآسايش، ليصار تحويله إلى مسؤول الآسايش في الناحية ثم إلى مركز العبور.

تنتهي حركة السيارات القادمة من الريف الشمالي قبل معبر أطمة، حيث يصطف الناس تحت الشمس بانتظار التدقيق في الأوراق والسؤال عن مكان القدوم والجهة التي سيذهبون إليها والمدة التي ينوون قضاءها، وفي الوقت نفسه يكون الكفيل حاضراً على الطرف الثاني من «المعبر». أما عبور السيارات التجارية فيخضع لتعرفة جمركية كبيرة وفق المادة المنقولة، ناهيك عما يعرف بالترفيق، وهو مصاحبة قافلة السيارات من طرف الدخول إلى المنطقة حتى الخروج منها مقابل مبالغ مالية. وينطبق هذا على المسافرين الذين يدفع كل منهم 2000 ليرة سورية كرسم عبور، ويستثنى من ذلك المسافرون من وإلى مناطق سيطرة النظام.

يتم تفتيش الجميع شخصياً، إضافة إلى ما يحملونه من حقائب، ويستثنى من الأمر من يكون كفيلهم كردياً. وحين تنتهي هذه الإجراءات يتم إصدار بطاقة زائر مؤقتة تحمل معلومات البطاقة الشخصية أو جواز السفر مع صورة ملونة، يدون عليها تاريخ الدخول وتاريخ انتهاء الزيارة، مع تعليمات صارمة تحت طائلة المساءلة لمن لا يتقيد بها.

أمام هذه التعقيدات كان الخيار أمام القادمين واضحاً: إما إلغاء بطاقة العودة إلى تركيا أو عدم الدخول، وهو ما حدث مع عدد من العائلات والشباب، الذين كانوا محط أطماع خاصة من الحزب لتجنيدهم أو لاعتبارهم رهائن.

إحدى الزائرات، ويقطن أهلها في إحدى القرى العربية في المنطقة، وعند احتجاجها على المعاملة السيئة وطول الانتظار تحت لهيب الشمس؛ تلقت تهديداً من إحدى عناصر الحزب بأنها لن تسمح لها بدخول أراضي الكانتون، أو «أراضينا». وعندما ردت الزائرة بأننا «ذاهبون إلى أراضينا وبيوتنا» هددتها بالتفتيش الدقيق عندما يحين دورها، وزادت حدة غضبها عندما وشت إحدى النساء بالزائرة بأنها تنتقد الحزب.

رغم كل ادعاءات الديمقراطية، تكشف ممارسات الحزب وشرطته الآسايش عن بناء مخابراتي عرقي، يدفع باتجاه وضع الشعب الكردي في حالة عداء مع جيرانه ومحيطه العربي، ويؤسس لأحقاد قد يطول علاجها.

لقد انتفض السوريون، ومنهم الأكراد، من أجل الحرية التي تكفل الحقوق للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية، وهو ما نطمح إليه رغم كل الإخفاقات، وما يقام دون ذلك من عوامل القهر الحالية عابر. فهل يدرك هذا الحزب أنه زائل مع ملحقات الاستبداد؟